للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى رُكُوعَهُ وَيَرَى سُجُودَهُ بِخِلَافِ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَرَى الْإِمَامَ فَيَحْتَاجُ أَنْ يَعْلَمَ رَفْعَهُ بِتَكْبِيرِهِ.

وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ أحمد مِنْ حَدِيثِ ابن أبزى أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُتِمَّ التَّكْبِيرَ، وَكَانَ لَا يُكَبِّرُ إِذَا خَفَضَ، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شعبة عَنِ الحسن بن عمران، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ

وَقَدْ ظَنَّ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَمَا ظَنَّ غَيْرُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ السَّلَفَ مَا كَانُوا يُكَبِّرُونَ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُقِرُّونَ الْأُمَّةَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ حَتَّى إِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي الْفَرْضِ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا " قَالَ أبو عمر: لَا يَحْكِي أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا مَا صَحَّ عِنْدَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ: وَأَمَّا رِوَايَةُ مالك عَنْ نافع عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الصَّلَاةِ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ " فَيَدُلُّ ظَاهِرُهَا عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ، إِمَامًا وَغَيْرَ إِمَامٍ، قُلْتُ: مَا رَوَى مالك لَا رَيْبَ فِيهِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ أحمد لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَلَكِنْ غَلِطَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيمَا فَهِمَ مِنْ كَلَامِ أحمد؛ فَإِنَّ كَلَامَهُ إِنَّمَا كَانَ فِي التَّكْبِيرِ دُبُرَ الصَّلَاةِ أَيَّامَ الْعِيدِ الْأَكْبَرِ، لَمْ يَكُنِ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ؛ وَلِهَذَا فَرَّقَ أحمد بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ، فَقَالَ: " أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُكَبِّرَ فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ " وَلَمْ يَكُنْ أحمد وَلَا غَيْرُهُ يُفَرِّقُونَ فِي

<<  <   >  >>