للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَنَحْنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ، وَسَنَتَكَلَّمُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى حِدَةٍ.

وَإِذَا قَالَ أحمد أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَا اسْتِثْنَاءَ فِيهِ - لَزِمَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ: أَنَّهُ لَا اسْتِثْنَاءَ فِي الْحَلِفِ بِهِمَا. وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ مِنْ أَصْحَابِ أحمد فَقَالَ: يَصِحُّ فِي الْحَلِفِ بِهِمَا الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ الْكَفَّارَةُ - فَهَذَا الْفَرْقُ مَا أَعْلَمُهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ عَنْ أحمد، وَلَكِنَّهُمْ مَعْذُورُونَ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ؛ حَيْثُ لَمْ يَجِدُوهُ نَصَّ فِي تَكْفِيرِ الْحَلِفِ بِهِمَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ [كَمًّا نَصَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَلِفِ بِهِمَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ] .

لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَازِمٌ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ الَّتِي يَنْصُرُونَهَا، وَمَنْ سِوَى الْأَنْبِيَاءِ يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ قَوْلَهُ لَوَازِمُ لَا يَتَفَطَّنُ لِلُزُومِهَا، وَلَوْ تَفَطَّنَ لَكَانَ: إِمَّا أَنْ يَلْتَزِمَهَا أَوْ لَا يَلْتَزِمُهَا، بَلْ يَرْجِعُ عَنِ الْمَلْزُومِ أَوْ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهَا غَيْرُ لَوَازِمَ.

وَالْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ إِذَا خَرَّجُوا عَلَى قَوْلِ عَالَمٍ لَوَازِمَ قَوْلِهِ وَقِيَاسِهِ: فَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّازِمِ، لَا بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، أَوْ نَصَّ عَلَى نَفْيِهِ. وَإِذَا نَصَّ عَلَى نَفْيِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَصَّ عَلَى نَفْيِ لُزُومِهِ أَوْ لَمْ يَنُصَّ. فَإِنْ كَانَ قَدْ نَصَّ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ اللَّازِمِ - وَخَرَّجُوا عَلَيْهِ خِلَافَ الْمَنْصُوصِ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، مِثْلَ أَنْ يَنُصَّ فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَوْ يُعَلِّلَ مَسْأَلَةً بِعِلَّةٍ يَنْقُضُهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، كَمَا عَلَّلَ أحمد هُنَا عَدَمَ التَّكْفِيرِ بِعَدَمِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَعَنْهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ رِوَايَتَانِ - فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَخْرِيجِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ [فِيهِ] بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ: هَلْ يُسَمَّى ذَلِكَ مَذْهَبًا لَهُ، أَوْ لَا يُسَمَّى؟

<<  <   >  >>