للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) الْأَزْدِيُّ الْوَاشِحِيُّ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ الْبَصْرِيُّ الْقَاضِي بِمَكَّةَ ثِقَةٌ إِمَامٌ حَافِظٌ مِنَ التَّاسِعَةِ

قَوْلُهُ (كَانَتِ الْيَهُودُ) جَمْعُ يَهُودِيٍّ كَرُومٍ وَرُومِيٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيَهُودَ قَبِيلَةٌ سُمِّيَتْ بِاسْمِ جَدِّهَا يَهُودَا أَخِي يُوسُفَ الصِّدِّيقِ وَالْيَهُودِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِمْ بِمَعْنَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ يَهُودُ غَيْرُ مَصْرُوفٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ قَبِيلَةٌ فَامْتَنَعَ صَرْفُهُ لِلتَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّةِ (لَمْ يُؤَاكِلُوهَا) بِالْهَمْزِ وَيُبَدَّلُ وَاوًا (وَلَمْ يُجَامِعُوهَا) أَيْ لَمْ يُسَاكِنُوهَا وَلَمْ يُخَالِطُوهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى

ويسألونك عن المحيض قل هو أذى وَتَتِمَّةُ الْآيَةِ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حيث أمركم الله قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ فِي الْأَزْهَارِ الْمَحِيضُ الْأَوَّلُ فِي الْآيَةِ هُوَ الدَّمُ بِالِاتِّفَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ هُوَ أَذًى وَفِي الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا الدَّمُ وَالثَّانِي زَمَانُ الْحَيْضِ وَالثَّالِثُ مَكَانُهُ وَهُوَ الْفَرْجُ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ وَأَزْوَاجِ النبي ثُمَّ الْأَذَى مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ

قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ لَوْنًا كَرِيهًا وَرَائِحَةً مُنْتِنَةً وَنَجَاسَةً مُؤْذِيَةً مَانِعَةً عَنِ الْعِبَادَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَغَوِيُّ التَّنْكِيرُ هُنَا لِلْقِلَّةِ أَيْ أَذًى يَسِيرٌ لَا يَتَعَدَّى وَلَا يَتَجَاوَزُ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ وَحَرَمِهِ فَتُجْتَنَبُ وَتَخْرُجُ مِنَ الْبَيْتِ كَفِعْلِ الْيَهُودِ وَالْمَجُوسِ نَقَلَهُ السَّيِّدُ يَعْنِي الْحَيْضُ أَذًى يَتَأَذَّى مَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ مُجَامَعَتِهَا فَقَطْ دُونَ الْمُؤَاكَلَةِ وَالْمُجَالَسَةِ وَالِافْتِرَاشِ أَيْ فَابْعُدُوا عَنْهُنَّ بِالْمَحِيضِ أَيْ فِي مَكَانِ الْحَيْضِ وَهُوَ الْفَرْجُ أَوْ حَوْلَهُ مِمَّا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ احْتِيَاطًا

انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ (وَأَنْ يَفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ) مِنَ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ (مَا خَلَا النِّكَاحَ) أَيِ الْجِمَاعَ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ

وَقِيلَ فِي الْعَقْدِ فَيَكُونُ إِطْلَاقًا لِاسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ وَبَيَانٌ لِقَوْلِهِ (فَاعْتَزِلُوا) فَإِنَّ الِاعْتِزَالَ شَامِلٌ لِلْمُجَانَبَةِ عَنِ الْمُؤَاكَلَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ وَالْحَدِيثُ بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ وَبَعْضِ المالكية (ما يريد) أي النبي (أَنْ يَدَعَ) أَيْ يَتْرُكَ (مِنْ أَمْرِنَا) أَيْ مِنْ أُمُورِ دِينِنَا (شَيْئًا) مِنَ الْأَشْيَاءِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ (إِلَّا خَالَفَنَا) بِفَتْحِ الْفَاءِ (فِيهِ) إِلَّا حَالَ مُخَالَفَتِهِ إِيَّانَا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>