وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا فِئَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا تَرَى الْمُتَعَجِّلَ آثِمًا وَأُخْرَى تَرَى الْمُتَأَخِّرَ آثِمًا فَوَرَدَ التَّنْزِيلُ بِنَفْيِ الْحَرَجِ عَنْهُمَا وَدَلَّ فِعْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى بَيَانِ الْأَفْضَلِ مِنْهُمَا (وَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ) أَيْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ (قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ) أَيْ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَتَمَّ حَجُّهُ (فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوُقُوفَ يَفُوتُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ عَرَفَةَ
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ وَقْتَهُ يَمْتَدُّ إِلَى مَا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ
قَوْلُهُ (أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ الْأَبْغَضُ هُوَ الْكَافِرُ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ
أَبْغَضُ الرِّجَالِ الْكُفَّارِ الْكَافِرُ الْمُعَانِدُ
أَوْ أَبْغَضُ الرجال المخاصمين قال الحافظ بن حَجَرٍ وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ فِي حَقِّهِ عَلَى حَقِيقَتِهَا فِي الْعُمُومِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَسَبَبُ الْبُغْضِ أن كثرة المخاصمة تقضي غَالِبًا إِلَى مَا يَذُمُّ صَاحِبَهُ أَوْ يُخَصُّ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ كَفَى بِكَ إِثْمًا أَنْ تَكُونَ مُخَاصِمًا
أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ
وَوَرَدَ فِي التَّرْغِيبِ فِي تَرْكِ الْمُخَاصَمَةِ فَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَالرَّبَضُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ الْأَسْفَلُ انْتَهَى
(الْأَلَدُّ) أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ اللَّدَدِ وَهُوَ شِدَّةُ الْخُصُومَةِ (الْخَصِمُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الصَّادِ أَيِ الشَّدِيدُ اللَّدَدِ وَالْكَثِيرُ الْخُصُومَةِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ