للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ (وَمَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ: حَرُمَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ آيَةٍ فَصَاعِدًا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ يَجُوزُ قِرَاءَةُ آيَةٍ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ: يَجُوزُ قِرَاءَةُ آيَةٍ وَنَحْوِهَا. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَقِيلَ: يَخْرُجُ مِنْ تَصْحِيحِ خُطْبَةِ الْجُنُبِ: جَوَازُ قِرَاءَةِ آيَةٍ، مَعَ اشْتِرَاطِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي وَاضِحِهِ، فِي مَسْأَلَةِ الْإِعْجَازِ: لَا يَحْصُلُ التَّحَدِّي بِآيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ. وَلِهَذَا جَوَّزَ الشَّرْعَ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ تِلَاوَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَوْ قَرَأَ آيَةً لَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنًى أَوْ بِحُكْمٍ، كَقَوْلِهِ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] أَوْ مَدّهَا مَدَّتَانِ لَمْ يَحْرُمْ، وَإِلَّا حَرُمَ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقِيلَ: لَا تُمْنَعُ الْحَائِضُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَنَقَلَ الشَّافِعِيُّ كَرَاهَةَ الْقِرَاءَةِ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ. وَعَنْهُ لَا يَقْرَآنِ، وَالْحَائِضُ أَشَدُّ وَيَأْتِي ذَلِكَ أَوَّلَ بَابِ الْحَيْضِ. قَوْلُهُ (وَفِي بَعْضِ آيَةٍ رِوَايَتَانِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَغَيْرُهُمْ. إحْدَاهُمَا: الْجَوَازُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَيَحْرُمُ قِرَاءَةُ آيَةٍ عَلَى جُنُبٍ وَنَحْوِهِ. قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ: لَا يَقْرَأُ آيَةً. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَجُوزُ بَعْضُ آيَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَرَّرَ، مَا لَمْ يَتَحَيَّلْ عَلَى قِرَاءَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ. قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ: وَلَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ آيَةٍ تَبَرُّكًا. قُلْت: الْأَوْلَى الْجَوَازُ، إنْ لَمْ تَكُنْ طَوِيلَةً، كَآيَةِ الدَّيْنِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: أَظْهَرُهُمَا لَا يَجُوزُ. وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>