نِفَاسٍ وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي السِّقْطِ فَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَحَكَى الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ فِي الْكَافِي، وَالْفُرُوعِ.
فَائِدَةٌ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ فِي الْوِلَادَةِ الْعَرِيَّةِ عَنْ الدَّمِ، فَقِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ إنَّ الْوِلَادَةَ مَظِنَّةٌ لِدَمِ النِّفَاسِ غَالِبًا. وَأُقِيمَتْ مَقَامَهُ كَالْوَطْءِ مَعَ الْإِنْزَالِ، وَالنَّوْمِ مَعَ الْحَدَثِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ. وَبِهِ عَلَّلَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. فَقَالَ: لِأَنَّ الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ أَصْلُهُ الْمَنِيُّ. أَشْبَهَ الْمَنِيَّ، وَيُسْتَبْرَأُ بِهِ الرَّحِمُ. أَشْبَهَ الْحَيْضَ. انْتَهَى.
وَرُدَّ ذَلِكَ بِخُرُوجِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ. فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ الْغُسْلَ بِلَا نِزَاعٍ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَحْرُمُ الْوَطْءُ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَيَبْطُلُ الصَّوْمُ. وَعَلَى الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ، وَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ. قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. قَالَ: وَقَالَ الْقَاضِي: مَتَى قُلْنَا بِالْغُسْلِ، حَصَلَ بِهَا الْفِطْرُ. انْتَهَى.
وَكَذَا بَنَى صَاحِبُ الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ. وَأَطْلَقَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَبُطْلَانِ الصَّوْمِ بِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ، الْخِلَافَ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْوَلَدَ ظَاهِرٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْوَلَدُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ النَّجَاسَاتِ. وَعَنْهُ لَيْسَ بِطَاهِرٍ فَيَجِبُ غُسْلُهُ. وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقًا. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ، فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْوَلَدِ مَعَ الدَّمِ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. قُلْت: الْأَوْلَى وَالْأَقْوَى: الْوُجُوبُ، لِمُلَابَسَتِهِ لِلدَّمِ وَمُخَالَطَتِهِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ سِوَى هَذِهِ السَّبْعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ. وَيَأْتِي بَعْضُ الْمَسَائِلِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ، فِيهَا خِلَافٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute