وإن اطلعوا عليه وأجمعوا على خلافه:. دلَّ على أن هذا النص
مرجوح، وما استندوا إليه في إجماعهم راجح، فيكون - بذلك -
الناسخ للنص هو النص الذي استندوا إليه، فثبت: أن ذلك من
باب نسخ النص بالنص، لا من باب نسخ النص بالإجماع.
وأما الثاني - وهو كون المنسوخ بالإجماع إجماعا آخر - فهو
باطل؛ لأن الإجماع لا ينعقد على خلاف إجماع آخر - كما سبق
ذكره -.
وأما الثالث - وهو كون المنسوخ بالإجماع قياسا - فهو باطل
- أيضاً - لأن من شرط حجية القياس والعمل به: عدم مخالفته
للإجماع، فإذا انعقد الإجماع على خلاف القياس: زال القياس
لزوال شرطه، وزوال المشروط لزوال الشرط لا يسمى نسخاً.
الدليل الثاني: أن الإجماع إنما يكون حُجَّة بعد عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -،
والنسخ إنما يكون في زمن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -،
وعلى هذا يستحيل اجتماعهما.
المذهب الثاني: أن الإجماع يكون ناسخ@.
ذهب إلى ذلك بعض المعتزلة، وعيسى بن أبان من الحنفية.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة قد سقط بإجماع
الصحابة، فهذا يدل على أن الإجماع يكون ناسخا.
جوابه:
يجاب عنه بأن سقوط سهم المؤلفة قلوبهم ليس من باب النسخ،
بل هو من باب انتهاء الحكم لانتهاء عِلَّته المقررة، وهي: تحبيب