للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحينئذ يكون الإجماع الثاني ناسخا لما دلَّ عليه الإجماع الأول من

جواز العمل بكل واحد من القولين، وبذلك يكون الإجماع الثاني

ناسخاً للإجماع الأول، فصح بذلك أن يكون الإجماع منسوخا.

جوابه:

يجاب عنه: بأن علماء الأُمَّة إنما جوَّزوا للمكلف الأخذ بأي واحد

من القولين بشرط: أن لا يحصل الإجماع على أحد القولين، فكان

الإجماع الأول مشروطا بهذا الشرط، فإذا وجد الإجماع الثاني فقد

زال شرط الإجماع الأول، فانتفى الإجماع الأول بسبب انتفاء

شرطه، لا لكون الثاني قد نسخه.

***

المسألة السابعة والعشرون: هل يكون الإجماع ناسخا؟

لقد اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأولي: أن الإجماع لا يكون ناسخا، أي: أن الإجماع

لاينسخ به.

ذهب إلى ذلك جمهور العلماء، وهو الصحيح؛ لدليلين:

الدليل الأول: أن المنسوخ بالإجماع إما أن يكون نصا، أو

إجماعاً، أو قياسا.

أما الأول - وهو كون المنسوخ بالإجماع نصا - فهذا باطل؟

لاستحالة انعقاد الإجماع على خلاف ذلك النص؛ لأن الإجماع

لابد له من مستند فلا يخلو: إما أن يطلع المجمعون على هذا النص

أو لا.

فإن لم يطلعوا عليه: كان إجماعهم باطلاً؛ لوجود ما يخالفه.