للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو أن رجلاً - مثلاً - اشترى ثوباً بعشرة ريالات، ثم قال

لوكيله: " بع هذا الثوب بعشرة ريالات، أو بثمانية "، فإن هذا

القول لا يقبل منه؛ لأنه يؤدي أن لا يربح، ولو فعل رجل ذلك

لعد منه خروج عن تصرفات العقلاء.

الدليل الثالث: استقراء أحكام الشريعة والعقل قد دلا على أن

دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، بيان ذلك:

أنه بعد استقراء وتتبع الأحكام الشرعية وجدنا أنه عند تعارض

المفسدة مع المصلحة، فإنه يقدم دفع المفسدة على جلب المصلحة في

كثير من الأمور.

والعقل حاكم في ذلك أيضاً؛ لأن في دفع المفسدة مصلحة أيضاً،

وعلى هذا لا يجوز العمل بمصلحة معارضة بمفسدة مساوية لها أو

راجحة عليها.

المذهب الثاني: أن المناسبة لا تبطل بمعارضة المفسدة مطلقا.

وهو مذهب فخر الدين الرازي، والبيضاوي، وكثير من العلماء.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: الوقوع؛ حيث إنه قد ورد من الشارع ما يدل على

إعمال المناسبتين المتعارضتين، وعدم بطلانهما بذلك التعارض.

كالصلاة في الدار المغصوبة، فقد رتب عليها الثواب من حيث

كونها صلاة، والعقاب من حيث كونها مغصوبة، وكذلك البيع

وقت النداء الثاني للجمعة قد رتب عليه الملك؛ لأنه بيع صحيح

الأركان، والعقاب؛ لأنه وقع في وقت النداء المنهي عنه.