له أصل بالاعتبار بوجه من الوجوه، وقد ظهر إلغاؤه، وإعراض
الشارع عنه في جميع صوره.
مثاله: أن بعض فقهاء الأندلس قد أفتى بأن على المجامع في نهار
رمضان: كفارة وهي: صيام شهرين متتابعين، فهذا فيه مصلحة
وهي: منع هذا المكثر من الجماع في نهار رمضان من فعله، ولكن
هذه المصلحة قد خالف نصا وهو حديث الأعرابي الذي رتب الكفارة
على ما يلي: عتق الرقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين،
فإن لم يجد فإطعام ستين مسكين.
لذلك اتفق العلماء على عدم الأخذ بهذا القسم.
***
رابعاً: هل المناسبة تبطل بمعارضة مفسدة مساوية أو راجحة؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن المناسبة تبطل بمعارضة مفسدة مساوية أو راجحة.
وهو مذهب الآمدي، وابن الحاجب، والصفي الهندي، وبعض
العلماء، ونسبه بعضهم إلى أكثر العلماء، وهو الحق عندي؛ للأدلة
التالية:
الدليل الأول: أن المصلحة متى ما عورضت بمفسدة مساوية، أو
راجحة، فإن العمل بالمصلحة حينئذِ لا يُعدُّ من المصلحة عند
العقلاء، بل يكون عبثا يخرجه العقل عن كونه مناسبا إلى كونه غير
مناسب.
الدليل الثاني: أن المفسدة إذا كانت مساوية للمصلحة أو راجحة
عليها، فإن هذا يقتضي عقلاً أن لا مصلحة حينئذِ.