للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل الثاني: أنه لو جاز الفصل في الاستثناء لما علم صدق

صادق، ولا كذب كاذب؛ لأن من تكلم بكلام يحكم من خلاله أنه

يكون كاذباً قد يستثني، فلا يكون كاذبا، وهذا باطل؛ حيث يفضي

إلى عدم استقرار الأمور، فلا تتم عقود، ولا تصح مواثيق ولا

معاملات، وهذا لا يمكن أن يقصده عاقل، لذلك لم يجز الفصل

في الاستثناء طلباً للاستقرار ومعرفة حقائق الأمور.

المذهب الثاني: أنه لا يشترط اتصال المستثنى بالمستثنى منه، بل

يجوز انفصال المستثنى عن المستثنى منه.

وهو لبعض العلماء، وقد حكى عن ابن عباس، والحسن

البصري، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وغيرهم

- وسيأتي ذكر خلافهم في مدة هذا الفصل -.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

" والله لأغزون قريشاً مرتين أو ثلاثاً " ثم سكت، ثم قال: " إن شاءَ اللَّه "،

ولولا صحة الاستثناء بعد السكوت لما فعله؛ لكونه مقتدى به.

جوابه:

يجاب عنه بجوابين:

الجواب الأول: أنه ليس المراد به الاستثناء - هنا -، وإنما المراد به

أن الأفعال المستقبلية لا بد أن تقيد بمشيئة اللَّه - تعالى - امتثالاً لقوله

تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) ،

ولقوله تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) .

الجواب الثاني: على فرض أن المراد به الاستثناء، فإن بسكوته قبل