للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد سبق بيان الفرق بين النسخ والتخصيص في الباب الثالث

بصورة إجمالية فراجعه إن شئت.

***

المسألة الخامسة: هل يشترط في الاستثناء الاتصال:

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه يشترط - لصحة الاستثناء -: أن يكون

الاستثناء متصلاً بالمستثنى منه، فلا يجوز الفصل بينهما.

أي: أن يكون متصلاً بالكلام حقيقة مثل: " نجح الطلاب إلا

زيداً " بدون انقطاع، أو يكون في حكم المتصل بأن يكون انفصاله

قبل أن يستوفى المتكلم غرضه من الكلام نحو: أن يسكت عن

الاستثناء لانقطاع نفسه، أو لبلع ريقه، أو سعال، أو ما أشبه ذلك.

وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:

الدليل الأول: أن الاستثناء غير مستقل بنفسه، فهو جزء من

الكلام أتي به لإتمامه وإفادته، لذلك لا يفيد شيئاً إلا إذا اتصل به

مباشرة، لكن لو انفصل الاستثناء عن المستثنى منه لم يكن ذلك

الاستثناء متمما لذلك الكلام الأول، فمثلاً لو قال: "أكرم الطلاب "

ثم قال بعد شهر: " إلا زيداً "، وقال: إني أردت به الاستثناء من

الكلام الذي قلته منذ شهر: فإنه يقبح عند أهل اللغة، ويعدون ذلك

لغواً؛ لأن الكلام يورد لإفهام الغير وإفادته، وقوله: " إلا زيداً "

لا يفهم منه شيء، حيث إنه لا يرتبط بقوله: " أكرم الطلاب ".

وهذا قياساً على الخبر مع المبتدأ، فكما أن الخبر لا يفيد شيئاً بدون

المبتدأ، والمبتدأ لا يفيد شيئاً بدون الخبر، فكذلك المستثنى لا يفيد

شيئاً بدون المستثنى منه.