ولقد أقول لبارق من بارق ... بوميضه لمَّاورى وتوارى
/٢٣٠ أ/ يا أيُّها البرق الَّذي بخفوقه ... أهدى إلى قلبي الخفوق وسارا
أبكيت طرفي حين تبسم في الدُّجى ... فلذاك أجريت الدُّموع غزارا
بالله قل هل عند من خلَّفته ... علمٌ بما جرَّ الفراق وجارا
أم هل ترى أنسوا لصحبه ذاكر ... يتمثَّل الأوطان والأوطارا
يا حار روِّح بالمطيِّ من السُّرى ... نفسًا فإنَّ دليلها قد حارا
وأرفق بأبناء الغرام فإنَّهم ... من خمر كاسات الفراق سكارى
قد طلَّقوا لذًّاتهم فنهارهم ... فكرٌ وأمَّا ليلهم فسهارى
من كلِّ مطبوع على دين اللهوى ... وكفاهم هذا المقام فخاراً
أنضاء شوق تستقلُّ بحملهم ... أنضاء سوق كالقسىِّ تبارى
للنوح تحسبهم حمائم أيكة ... صارت لهم أكوارها أوكارا
وكأن أحداج المطيِّ وهم بها ... أبرأج حسن أطلعت أقمارا
وأنشدني أيضًا لنفسه إملاءً: [من الطويل]
إذا مغرمٌ صبٌّ خلا من معينة ... فنجدته دمعٌ جرى من معينه
ولم يك معتاضًا عن الحبِّ شأنه ... إذا عزَّ لقياه بفيض شؤونه!
/٢٣٠ ب/ ولا تعذل المشتاق فيمن يحبُّه ... فعذلك يغريه بفرط جنونه
وما ينفع الذَّال جذب شماله ... وقد أكد الميثاق أخذ يمينه
أقام على دعواه عند عذوله ... براهين تنفي شكَّة بيقينه
محاسن من يهوى فعاد عذيره ... خلّها بها عن وهمه وظنونه
يموت ويحيا كلَّما شام بارقًا ... تألَّق من سهل الحمى وحزونه
يذَّكره وصلًا مضى كحقوقه ... وظلمة هجر بعده كسكونه
فلا تلما صبًا مشوقًا إلى الحمى ... ينوح على أوطاره لشجونه
فإنَّ به ورق الحمائم في الضُّحى ... تنوح على كثبانه وغصونه
وأنشدني أيضًا قوله إملاًء من لفظه: [من الوافر]
ترفَّق في ملامك يا ملوم ... فما إعراضه حالٌ تدوم
يريك قساوةَّ ويلين سرّاً ... كذا الأغصان من ميل تقوم