أبو الحسن علي بن محمد بن محمود البغدادي الشاعر؛ نزيل رأس عين، شاعر مجيد فاضل حسن المذاكرة.
أخبرني أنه قدم حلب مراراً، واجتمعت به بسنجار في سنة أربع وعشرين وستمائة، وكان في أوتل مرّة قريباً من الملك الأشرف، وكان ينفذه في رسائل، ولما اجتمعت به كانت أحواله قد تناقضت عنده؛ فمما أنشدني لنفسه، وذكر أنه اقترح عليه أن يعمل في وصف الحماحم بالموصل، فسألهم في أي وزن يريدزن. وكان في وليمة؛ فقالوا: في الوزن الذي يغني به المغني؛ فقال: فغنى المغني أبياتاً منه:
باكر صبوحك يا نديمي ... ...... ...... ......
ومهفهف في وجهه ... جيشان من زنجٍ وورم
فقال: [من مجزوء الكامل]
باكر صبوحك يا نديمي ... ورم الحياة بكفِّ ريم
في مجلس خضل النَّبا ... ت يرقُّ من ماء النَّعيم
/ ٢٦٤ أ/ حلب الكروم غذاء ذاك ... النَّبت لا حلب الغيوم
وحماحمٌ كأسنَّة ... في كلِّ معتدل قويم
طعنت قلوب وشاتنا ... فتخضَّبت بدِّم الهموم
أو أنجمٌ بزغت لتحرق ... كلَّ شيطان رجيم
أو مثل أعراف الدّيوك ... لدى مبارزة الخضوم
أو كالشَّقيق تحرَّشت ... بفروعه أيدي النَّسيم
أو ثاكلٌ صبغت بناناً ... من دم الخدَّ اللَّطيم
وسقاتنا كأهلَّه ... حملت شموساً في نجوم
من كلِّ ذي دلِّ رخيم ... غير ذي قلب رحيم
طفلٌ يجور على النَّدامى ... جور محتنك عليم
فراهم صرعى الكؤوس ... بكفِّ لقمان الحكيم
فيه نضلُّ ونهتدي ... بالفرع والوجه الوسيم