وكلَّما سرَّه حزني وأعجبه ... سررت فأعجب لمسرور إذا حزنا
/ ٢٥٤ ب/ وإن أساء صنيعاً بتُّ مبتهجاً ... بمالك حسن لا يصنع الحسنا
فإن سمعتم بمقتول بكى فرحاً ... بحبٍّ قاتله حزناً فذاك أنا
يا صاحبيَّ وما الشَّكوى بنافعة ... لمن إذا قلبه في الحبِّ مرتهنا
تسمَّعا سرَّ أشجاني ولا عجبٌ ... في الحبِّ إن صار سرُّ المبتلى علنا
كتمت ما بي حتَّى كاد يتلفني ... كتمانه ويبيد الرُّوح والبدنا
عسى يرقُّ كما راقت سوالفه ... حبٌّ جفا قسوة أيَّام لنت ضنى
فو الَّذي فلق الإصباح مقتدراً ... من نور غرَّته حتَّى أضاء لنا
واشتقَّ للَّيل من مسكيِّ طرَّته ... لونّا وصيَّره سبحانه سكنا
وصيِّر الشَّمس تمثالاً لطلعته ... حتَّى يرى حسنه طرفٌ نأى ودنا
ما عشت لا أنثني عنه للائمة ... واللَّوم عندي لناء عن هواه ثنى
حتَّى يقولوا محبٌّ نال بغيته ... أو عاشقٌ صادقٌ في لحده دفنا
وأنشدني الأمير أبو الحسن علي بن علي بن شماس؛ قال: أنشدني أبو الحسن بن البطريق لنفسه يمدح الملك الظاهر غياث الدين غازي بن يوسف/ ٢٥٥ أ/- صاحب حلب- أول قصيدة: [من البسيط]
الشَّام داري والأشجان بغداد ... في سرِّ وجدي في الأحيان إعلان
وكلُّ يوم يوافي مؤذنٌ بنوّى ... كأنًّما هذه الأيَّام غربان
يا صاحبيَّ قفا ثمَّ اسمعا خبراً ... من مستهام له عند الحمى شان
يهزُّه الشَّوق والتذكار يطربه ... كأنَّه من مدام الوجد نشوان
كانت له من جلابيب الصِّبا عددٌ ... ومن قلوب الحسان البيض أعوان
إذا دعا اللَّهو نادته على عجل ... لبَّيك لبَّيك أترابٌ وأقران!
نار القرى عنده بشرٌ ومن كرِّم ... حديثه وبنو الآداب ضيفان
لا يسرج الهمُّ في أرجاء منزله ... كأنَّ منزله في الحسن بستان
مكمَّل الوصف كالفردوس من دهر ... بكلِّ شيء شهيٍّ وهو رضوان
راقت خلائقه للَّائذين به ... كأنَّه من سلاف وهو إنسان
لباسه ثوب زهوٍ ليس يخلعه ... ومن لباس الخنا واللؤم عريان