(قال) أبو شامة: وما ذكره هذا الحافظ فى أمر صلاتى رجب وشعبان هو كان سبب تبطيلهما فى بلاد مصر بأمر سلطانها الكامل محمد بن أبى بكر رحمه الله تعالى، فإنه كان مائلا إلى إظهار السنن وإمانة البدع (وقد وقعت) هذه المسألة فى الفتاوى بدمشق قبل سنة عشرين وستمائه. صورتها: ما تقول السادة الفقهاء الأئمة رضى الله عنهم فى الصلاة المدعوة بصلاة الرغائب؟ هل هى بدعة فى الجماعات؟ وهل ورد فيها حديث صحيح؟ (فأجاب) الحافظ الفقيه أبو عمرو بن الصلاح بما صورته: حديثها موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهى بدعة حدثت بعد أربعمائة من الهجرة، ظهرت بالشام وانتشرت فى سائر البلاد (ولا بأس) بأن يصليها الإنسان بناء على أن الإحياء فيما بين العشاءين مستحب كل ليلة. ولا بأس بالجماعة فى النوافل مطلقاً. أما أن تتخذ الجماعة فيها سنة وتتخذ هذه الصلاة من شعائر الدين الظاهرة، فهذه من البدع المنكرة، وما أسرع الناس إلى البدع. (ووقعت) هذه المسألة مرة ثانية صورتها: ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين فيمن ينكر على من يصلى لا فى ليلة الرغائب وليلة النصف من شعبان، ويقول: إن الزيت الذى يشعل فيها حرام وتفريط، ويقول إن ذلك بدعة. وما لهما فضل ولا ورد فى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم فيهما فضل ولا شرف؟ فهل هو على الصواب؟ أفتونا رضى الله عنكم (فأجاب) أيضاً: أما الصلاة المعروفة فى ليلة الرغائب فهى بدعة، وحديثها المروىّ موضوع. وما حدثت إلا بعد أربعمائة سنة من الهجرة، وليس لليلتها تفضيل على أشباهها من ليالى الجمع (وأما ليلة) النصف من شعبان فلها فضيلة وإحياؤها بالعبادة مستحب ولكن على الانفراد من غير جماعة، واتخاذ الناس لها ولليلة الرغائب موسماً وشعاراً بدعة منكرة. وما يزيدونه فيها على الحاجة والعادة من الوقيد ونحوه،