للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن لم يكن للمسجد راتب صلى بهم أحدهم. وإن كان له إمام راتب فإن كان قريباً بعثوا إليه ليحضر أو يأذن لمن يصلى بهم. وإن كان بعيداً أو لم يوجد فى موضعه فإن عرفوا من حسن خلقه أنه لا يتأذى بتقديم غيره ولا تحصل بسببه فتنة، استحب أن يصلى بهم أولاهم بالإمامة وأحبهم إلى الإمام. وإن خافوا أذاه أو فتنة، انتظروه إن لم يخافوا فوات الوقت، وإلا صلوا جماعة (١).

(وقال) ابن قدامة: ولا يُؤَمُّ فى مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه، لأن الإمام الراتب بمنزلة صاحب البيت وهو أحق " لقوله " عليه الصلاة والسلام: لا يؤمَنَّ الرجلُ الرجلَ فى بيته إلا بإذنه (٢) " وقد رُوى " عن ابن عمر أنه أتى أرضاً وعندها مسجد يصِّلى فيه مولى لابن عمر فصلى معه، فسألوه أن يصلى بهم فأبى وقال: صاحب المسجد أحق إلا أن يتأخر لعذر فيصلى غيره لأن أبا بكر صلى حين غاب النبى صلى الله عليه وسلم. وفعل ذلك عبد الرحمن بن عوف فقال النبى صلى الله عليه وسلم " أحسنتم " فإن لم يُعلم عذرُه انتُظر وروسِلَ إلا أن يُخشى خروجُ الوقت فيقدَّم غيره لئلا يفون الوقت (٣).

(ونقل الحطَّاب) عن الشيخ عبد الرحمن بن الحسين السعدى المالكى أنه أفتى فى سنة ٥٥٠ خمسين وخمسمائة بمنع الصلاة بأئمة متعددة بالمسجد الحرام على مذاهب الأئمة الأربعة. وردّ على من جوّز ذلك وبالغ فى الرد فقال: قولهم عن هذه الصلاة جائزة لا كراهة فيها خلاف الإجماع فإن الأئمة مُجْمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز وأنَّ أقلّ أحوالها الكراهة. لأن الذى اختلف فيه العلماء إنما هو مسجد ليس له إمام راتب، أوله إمام صلى جماعة ثم جاء آخرون فأرادوا إقامة تلك الصلاة جماعة، فأما حضور جماعتين أو أكثر فى مسجد واحد


(١) ص ٢٠٧ ج ٤ - شرح المهذب.
(٢) هذا بعض الحديث رقم ١١٦ ص ٨٥ (الأحق بالإمامة).
(٣) ص ٥ ج ٢ - الشرح الكبير (الإمامة).