للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: وما تفرّق أهل الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كقوله: {وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: ٤]، {وإنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ} هم المشركون؛ أورثوا القرآن من بعد ما أورث أهل الكتاب التوراة والإنجيل.

وقرئ: "ورّثوا"، و"ورثوا".

[{فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} ١٥]

{فَلِذلِكَ} فلأجل التفرق ولما حدث بسببه من تشعب الكفر شعبًا، {فَادْعُ} إلى الاتفاق والائتلاف على الملة الحنيفية القديمة، {وَاسْتَقِمْ} عليها وعلى الدعوة إليها كما أمرك الله، {وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ} المختلفة الباطنة، {بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتَابٍ} بأي كتاب صحّ أنّ الله أنزله، يعني: الإيمان بجميع الكتب المنزلة، لأنّ المتفرقين آمنوا ببعض وكفروا ببعض، كقوله: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} [النساء: ١٥٠]، إلى قوله: {أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا} [النساء: ١٥١].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالوا متعجبين: {أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا أن هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٥]، وقال الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [الزمر: ٢٩].

وفي إسناد "الاجتباء" إلى ذاته عز وجل، وإسناد {كَبُرَ} إلى "ما تدعو": إشارة إلى معنى قوله تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}، وفيه: أن أهل السنة والجماعة ممن اجتباه الله إلى دينه، وهداه إليه.

قوله: (وقيل: وما تفرق أهل الكتاب): جعل الضمير في قوله: {ومَا تَفَرَّقُوا} أولًا وآخرًا لأهل الكتاب، وفي الوجه الثاني: للناس بعد الطوفان، والظاهر الثني؛ لأن هذا الضمير

?

<<  <  ج: ص:  >  >>