للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا علم أنه من باب الكناية لم يقع فرق بين قوله: "ليس كالله شيء"، وبين قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، إلا ما تعطيه الكناية من فائدتها، وكأنهما عبارتان معتقبتان على معنى واحد: وهو نفي المماثلة عن ذاته.

ونحوه قوله عز وجل: {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ} [المائدة: ٦٤]، فإنّ معناه: بل هو جواد من غير تصوّر يد ولا بسط لها، لأنها وقعت عبارة عن الجود لا يقصدون شيئًا آخر، حتى أنهم استعملوها فيمن لا يد له، فكذلك استعمل هذا فيمن له مثل ومن لا مثل له.

ولك أن تزعم أنّ كلمة التشبيه كرّرت للتأكيد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لم يقع فرق بين قوله: "ليس كالله شيء"، وبين قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، إلا ما تعطيه الكناية من فائدتها): يعني: أصل المعنى الواحد، لكن في الكناية فضل مبالغة ليس في التصريح، وذلك أنهم إنما يسلكون هذه الطريقة عند وجود صفات كمال يشاهدونها في تلك الذات، فيقدرون لها من يشاركها في تلك الفضائل، ويجعلونها عامًا، ويثبتون لهذا المقدر ما يريدون إثباته لهذا الذات، ليلزم إثباته لهذا الذات بالطريق البرهاني، نحو: مثلك لا يبخل، فظهر من هذا أن ليس من شرط هذه الطريقة وجود ذلك المثل في الخارج، نحوه قول القبعثرى للحجاج: "مثل الأمير حمل على الأدهم والأشهب"، إذ لو قصد به إثبات النظير والشبيه، لكان بالذم أشبه من المدح، وإليه الإشارة بقوله: "استعمل هذا فيمن له مثل، ومن لا مثل له". وها هنا الضمير في "مثله" راجع إلى الله في قوله: {فَاللَّهُ هُوَ الوَلِيُّ}، بعد إجراء تلك الصفات عليه، فكأنه قيل: ليس مثل هذه الذات المستجمعة لتلك الصفات الكاملة شيء.

قوله: (ولك أن تزعم كلمة التشبيه كررت للتأكيد): هذا قول الزجاج، قال أبو البقاء: "الكاف زائدة، و"مثله" خبر {لَيْسَ}، أي: ليس مثله شيء، ولو لم تكن زائدة لأفضى

?

<<  <  ج: ص:  >  >>