للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: ولو شاء ربك مشيئة قدرة لقسرهم جميعًا على الإيمان، ولكنه شاء مشيئة حكمة، فكلفهم وبنى أمرهم على ما يختارون، ليدخل المؤمنين في رحمته -وهم المرادون بـ {مَن يَشَاءُ}، ألا ترى إلى وضعهم في مقابلة "الظالمين"؟ -، ويترك الظالمين بغير ولى ولا نصير في عذابه.

[{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ٩]

معنى الهمزة في {أَمِ} الإنكار، {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} هو الذي يجب أن يتولى وحده، ويعتقد أنه المولى والسيد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يدل على الحمل على أولئك المتخذين: قول القاضي: "ولعل تغيير المقابلة للمبالغة في الوعيد؛ إذ الكلام في الإنذار"، ومما يكشف أن الكلام فيهم كشفًا تامًا: قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الوَلِيُّ}، ألا ترى كيف أضرب عن الكلام السابق، وأنكر اللاحق، على سبيل التقرير بـ"أم" المنقطعة المتضمنة لـ"بل" والهمزة، وأعاد ذكر {اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}، يعني: دع الاهتمام بشأنهم وطمع الإيمان منهم، أليسوا الذين اتخذوا من دون الله أولياء، وهو الولي الحقيقي القادر على كل شيء، وعدلوا إلى الجماد الذي هو غير قادر على شيء؟ !

وأما قوله تعالى: {وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ} الآية: فمعترضة لتوكيد مضمون الآيتين، يدل عليه قول المصنف: "وهو قرآن عربي بين، لا لبس فيه عليك، لتفهم ما يقال لك، ولا تتجاوز حد الإنذار"، فظهر من تقدير النظم أن الأصل: يدخل من يشاء في رحمته، ويدخل من يشاء في غضبه، وأن الله تعالى شاء إيمان بعض وكفر بعض، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

قوله: (ويترك الظالمين): منصوب؛ عطف على "ليدخل"، ويروى: "أي: ويترك"؛ مرفوعًا على أنه تفسير لقوله: "وضعهم في مقابلة الظالمين".

?

<<  <  ج: ص:  >  >>