للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: هو مالك أمرها وحافظها، وهو من باب الكناية؛ لأن حافظ الخرائن ومدبر أمرها هو الذي يملك مقاليدها، ومنه قولهم: فلان ألقيت إليه مقاليد الملك؛ وهي المفاتيح، ولا واحد لها من لفظها، وقيل: مقليد، ويقال: إقليد، و: أقاليد، والكلمة أصلها فارسية. فإن قلت: ما للكتاب العربي المبين وللفارسية؟ قلت: التعريب أحالها عربية، كما أخرج الاستعمال المهمل من كونه مهملًا. فإن قلت: بم اتصل قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا}؟ قلت: بقوله: {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا} [الزمر: ٦١]، أي ينجي الله المتقين بمفازتهم، والذين كفروا هم الخاسرون. واعترض بينهما بأنه خالق الأشياء كلها، وهو مهيمن عليها فلا يخفى عليه شيء من أعمال المكلفين فيها وما يستحقون عليها من الجزاء، وقد جعل متصلًا بما يليه على أن كل شيء في السماوات والأرض فالله خالقه وفاتح بابه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أي: هو مالك أمرها وحافظها)، قال القاضي: أي: لا يتمكن من التصرف فيها غيره، وهو كناية عن قدرته وحفظه لها، وفيها مزيد دلالة على الاختصاص؛ لأن الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها إلا من بيده مفاتيحها. وفي قوله: " مزيد دلالة على الاختصاص" إشارة إلى أن التقديم للاختصاص أيضًا.

قوله: (بقوله: {وَيُنَجِّي اللهُ})، أي: قوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا} متصل بقوله: {وَيُنَجَّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا} على سبيل التقابل لتضاد بين مفردات الجملتين من حيث المعنى.

قال القاضي: وتغير النظم للإشعار بأن العمدة في فلاح المؤمنين فضل الله، وفي هلاك الكافرين بأن خسروا أنفسهم، والتصريح بالوعد والتعريض بالوعيد قضية الكرم.

قوله: (وقد جعل متصلًا بما يليه)، عطف على قوله: "فقوله"، أي: اتصل بقوله: {وَيُنَجَّي اللهُ}، وقد جعل متصلًا بقوله: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>