للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرط فيها لازم لا تحصل بدونه. {واتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إلَيْكُم} مثل قوله: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨]. {وأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ} أي: يفجؤكم وأنتم غافلون، كأنكم لا تخشون شيئًا لفرط غفلتكم وسهوكم، {أَن تَقُولَ نَفْسٌ}: كراهة أن تقول. فإن قلت: لم نكرت؟ قلت: لأن المراد بها بعض الأنفس، وهي نفس الكافر. ويجوز أن يراد: نفس متميزة من الأنفس: إما بلجاج في لكفر شديد، أو بعذاب عظيم. ويجوز أن يراد التكثير، كما قال الأعشى:

ورب بقيع لو هتفت بجوه .... أتاني كريم ينفض الرأس مغضبا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ويجوز أن يراد التكثير)، ذكر في تنكير {نَفْسٌ} وجوهًا:

أحدها: قوله: "بعض الأنفس"، أي: بعض من الجنس، ونوع منه، وهو نفس الكافر، بدليل قوله: {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ}، لأن هذا لا تقوله نفس المؤمن.

وثانيها: أن يكون التنكير للأفراد شخصًا، وهو الكافر الذي علم منه اللجاج في الكفر في الدنيا، أو الكافر الذي شوهد تعذيبه في الآخرة.

وثالثها: أن يكون التنكير للتكثير، لكن على الاستعارة، لأن وضع التنكير ليس للتكثير حقيقة، مثله "كريم" في قوله: "رب بقيع" البيت، يريد: إكثار من يجيب إلى نصرته؛ لأنه في مقام مدح نفسه وكثرة ناصريه، لا أن كريمًا واحدًا أجابه، وكذا "رب" في قوله: "رب بلد قطعت، ورب بطل قارعت" يصف نفسه بأنه جواب للفيافي، ودأبه وعادته مقارعة الأبطال، كقوله:

قد أترك القرن مصفرًا أنامله

فعلى هذا المراد بالنفس: جميع الأنفس المؤمنة والكافرة، ولفظ "أو" في قوله تعالى: {أَوْ تَقُولَ} لتنويع النفس القائلة، لا لتنويع القول.

وأما تنظيره التنكير في {نَفْسٌ} بـ"رب" فلأنهما موضوعان للتقليل، وقد استعملا في التكثير مجازًا.

قوله: (ورب بقيع) البيت، قبله:

<<  <  ج: ص:  >  >>