{وأَنِيبُوا إلَى رَبِّكُمْ}: وتوبوا إليه {وأَسْلِمُوا لَهُ}: وأخلصوا له العمل، وإنما ذكر الإنابة على أثر المغفرة؛ لئلا يطمع طامع في حصولها بغير توبة، وللدلالة على أنها
هذه الآية"؛ لأنه تعالى من على من أسرف من عباده، ووعدهم أنه يغفر لهم ذنوبهم جميعًا، ونهاهم أن يقنطوا من رحمته الواسعة، فقال الرجل: ومن أشرك، وهو يحتمل أن يكون مرفوعًا، أي: ومن أشرك أيضًا موعود ومنهي، أو منصوبًا، أي: أوعد الله عباده وأوعد من أشرك، أو مجرورًا، أي: إن الله يغفر ذنوب من آمن من عباده وحده، أو من ذنوب من آمن ومن أشرك. وهذه الوجوه تترتب أيضًا على قوله: "ألا ومن أشرك".
ولعل الصحابي لما نظر إلى معنى قوله:{يَا عِبَادِيَ}، وأن له مزيد اختصاص بالمؤمنين خص الغفران بهم، ولما تفكر في عموم قوله:{الذُّنُوبَ جَمِيعًا} عنه فتردد فسأل، ولذلك توقف صلوات الله عليه حتى أوحي إليه أو اجتهد.
قوله:(وإنما ذكر الإنابة على أثر المغفرة)، الراغب: النوب: الرجوع للشيء بعد أخرى قال: ناب نوبًا ونوبة، وسمي النحل نوبًا لرجوعها إلى محلها، ونابته نائبة، أي: حادثة من شأنها أن تنوب دائبًا. والإنابة إلى الله تعالى: الرجوع إليه بالتوبة وإخلاص العمل. قال تعالى:{وأَنِيبُوا إلَى رَبِّكُمْ وأَسْلِمُوا}، وفلان ينتاب فلانًا، أي: يقصده مرةً بعد أخرى.