(لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا) أي: فضلك علينا بالتقوى والصبر وسيرة المحسنين، وإنّ شأننا وحالنا أنا كنا خاطئين متعمدين للإثم، لم نتق ولم نصبر، لا جرم أنّ الله أعزّك بالملك وأذلنا بالتمسكن بين يديك.
(لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ) لا تأنيب عليكم ولا عتب. وأصل التثريب من الثرب وهو الشحم الذي هو غاشية الكرش. ومعناه: إزالة الثرب،
وذكر الصبر بعد التقوى: كذكر الصلاة والزكاة بعد ذكر الأعمال الصالحة، وكذكر جبريل وميكائيل بعد ذكر الملائكة. ويجوز أن يكون ذكر الصبر بعد التقوى لإرادة الثبات على التقوى، كأنه قيل:(مَن يَتَّقِ) ويثبت على تقواه.
وقلت: ولا ارتياب أن قوله: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) تعليل لقوله: (قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا)، وتعريض بإخوته، يدل عليه قولهم في الجواب:(تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ)، أي: فضلك الله علينا بالتقوى والصبر وسيرة المحسنين، (وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) متعمدين الإثم لم نتق؛ أي: لم نخف عقاب الله وسوء المعصية، ولم نصبر على طاعة الله تعالى وطاعة أبينا وعلى المعصية؛ حيث فعلنا بك ما فعلنا، فأثبتوا في يوسف ما نفوا عن أنفسهم، فإذن لابد من ارتكاب المجاز وتخصيص العام بحسب ما يقتضيه المقام.