وهو بعث للمؤمنين على التوبة، وأنه ما من مؤمن إلا وهو محتاج إلى التوبة والاستغفار، حتى النبي والمهاجرون والأنصار، وإبانة لفضل التوبة ومقدارها عند الله، وأن صفة التوابين الأوّابين صفة الأنبياء، كما وصفهم بالصالحين ليظهر فضيلة الصلاح.
وقيل: معناه تاب الله عليه من إذنه للمنافقين في التخلف عنه، كقوله:(عَفَا اللَّهُ عَنْكَ. فِي ساعَةِ)[التوبة: ٤٣].
(في ساعة الْعُسْرَةِ): في وقتها، والساعة مستعملة في معنى الزمان المطلق، كما استعملت الغداة والعشية واليوم:
قال:"وهو بعث للمؤمنين على التوبة" على سبيل التعريض، وذلك أنه صلوات الله عليه ممن يستغني عن التوبة، فوُصف بها ليكون بعثاً للمؤمنين على التوبة، "وإبانةً لفضل التوبة" على طريقة قوله تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ)[غافر: ٧]، وحملة العرش ليسوا ممن لا يؤمنون، لكن ذُكر الإيمانُ لشرفه والترغيب فيه، وإليه الإشارة بقوله:"وأن صفة الأوابين صفة الأنبياء"، والذي يدل على أن (تَابَ اللَّهُ) لمجرد الوصف عطف قوله: "وقيل: معناه: تاب الله [عليه] من إذنه للمنافقين" على هذا الوجه، لأنه بإزاء ما الأولى عدمه.
قوله:(وأنه ما من مؤمن إلا وهو محتاج): عطف تفسيري على قوله: "وهو بعث"، كما أن قوله:"وأن صفة التوابين" عطف على قوله: "وإبانة لفضل التوبة" كذلك.