للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: فما معنى قوله: (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ)؟ قلت: معناه: فلما تبين له من جهة الوحي أنه لن يؤمن، وأنه يموت كافراً وانقطع رجاؤه عنه، قطع استغفاره، فهو كقوله: (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) [التوبة: ١١٣].

(أَوَّاهٌ) فعال، من أوه كـ"لال" من اللؤلؤ، وهو الذي يكثر التأوه، ومعناه: أنه لفرط ترحمه ورقته وحلمه كان يتعطف على أبيه الكافر ويستغفر له، مع شكاسته عليه، وقوله (لأرجمنك) [مريم: ٤٦].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فما معنى قوله: (فَلَمَّا تَبَيَّنَ)؟ ): وجه السؤال: لم يزل أبو إبراهيم كافراً، والكافر عدو الله، فكيف قيل: (فَلَمَّا تَبَيَّنَ)، كأنه كان خفياً كفره؟ وأجاب: أنه ما كان كفره خفياً، بل كان يُرجى منه الإيمان، فلما تبين له من جهة الوحي أنه يموت كافراً انقطع رجاؤه.

قوله ((اوَاهُ) فعال؛ مِن: أوَّهَ): قال الحريري في "درة الغواص": "يقولون في التأوه: أوه، والأفصح أن يُقال: أوه، بكسر الهاء وضمها وفتحها، والكسر أغلب، وعليه قول الشاعر:

فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها … ومن [بُعدِ] أرضٍ بيننا وسماء

وقد شدد بعضهم الواو، فقال: أوه، ومنهم من حذف الهاء وكسر الواو، فقال: أو، وتصريف الفعل منها: أوه وتأوه، المصدر: الآهة، ومنه قولُ مثقب العبدي:

إذا ما قمت أرحلها بليلٍ … تأوه آهة الرجل الحزين

<<  <  ج: ص:  >  >>