ويجوز أن يكون قوله:(وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) تخصيصاً للخيل من بين ما يتقوى به، كقوله:(وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ)[البقرة: ٩٨]، وعن ابن سيرين: أنه سئل عمن أوصى بثلث ماله في الحصون؟ فقال: يشترى به الخيل، فترابط في سبيل الله ويغزى عليها، فقيل له: إنما أوصى في الحصون؟ فقال: ألم تسمع قول الشاعر:
انتظار الصلاة بعد الصلاة. في "النهاية": "الرباط في الأصل: الإقامة على جهاد العدو بالحرب، وارتباط الخيل: إعدادها، وقيل: الرباط: مصدر رابطت، أي لازمت. وقيل: الرباط: اسم لما يُربط به الشيء، أي: يُشد"، فأضيف إلى الخيل للبيان، كقولك: خاتم حديد، فعلى هذا اللام في قول المصنف:"الرباط" للعهد، أي: الرباط المذكور في الآية، قال في "الانتصاف": "المطابق للرمي أن يكون "الرباط" على بابه مصدراً".
قوله:(إن الحصون الخيل لا مدر القرى): أوله:
ولقد علمت على توقي الردى
يعني: علمت أن الحصون التي يتوقى بها: الخيل، لا قصور القرى والمدائن التي يلجأ إليها.
قوله:(تُرهبون): بالتخفيف: الجماعة، وبالتشديد: شاذة. الراغب: "الرهبة والرهب مخافة مع تحزن واضطراب، قال عز وجل:(لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ)[الحشر: ١٣]، (وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ)، والترهب: التعبد، وهو استعمال الرهبة،