محمد ـ رحيمًا حيث لم يكلفكم تلك التكاليف الصعبة. (ذلِكَ) إشارة إلى القتل، أي: ومن يقدم على قتل الأنفس (عُدْواناً وَظُلْماً) لا خطأ ولا اقتصاصًا. وقرئ (عُدْواناً) بالكسر، و (نُصْلِيهِ) بتخفيف اللام وتشديدها. و (نُصْلِيهِ) بفتح النون من صلاه يصليه. ومنه شاة مصلية، ويصليه بالياء والضمير للَّه عز وجل، أو: ل (ذَلِكَ)؛ لكونه سبباً للصلي. (ناراً) أي: ناراً مخصوصة شديدة العذاب (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً)؛ لأنّ الحكمة تدعو إليه، ولا صارف عنه من ظلم أو نحوه.
(كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) وقرئ: كبير ما تنهون عنه، أي: ما كبر من المعاصي التي ينهاكم اللَّه عنها والرسول. (نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) نمط ما تستحقونه من
تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ) من كان من جنسكم من المؤمنين ليجمع بين حفظ النفس وحفظ المال في التوصية؛ لأن قوله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)[النساء: ٢٨] إلى قوله: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)[النساء: ٣٤] كالاعتراض [بين حديث] النساء ونكاحهن والقيام عليهن؛ فيكون تأكيداً لمعنى التعليل في قوله:(وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ)[النساء: ٢٤]، كما قررنا أن فيه إشعاراً بأن التمتع بالمال إنما يكون معتداً به إذا أنفق على العيال؛ ومن ثم ضم مع حفظ المال لأجل الإنفاق على العيال حفظ النفس، مزيداً لإرادة التحريض على طلب الإحصان والاجتناب عن السفاح، والله أعلم.
قوله:(ونصليه: بفتح النون) قال ابن جني: هي قراءة إبراهيم والأعمش وحميد، يقال: صلاه يصليه: إذا شواه، فيكون منقولاً من صلي ناراً وصليته ناراً، نحو: كسي ثوباً وكسوته ثوباً، وأما قراءة العامة بضم النون فهو منقول من صلي أيضاً؛ إلا أنه منقول بالهمزة لا بالمثال، نحو: علم الخبر وأعلمته إياه.