فقال: ما أذكُر. قالت: لعلَّك نَظَرْت مرّةً إلى السماءِ ولم تَعتبِرْ قال: لعلّ. قالت:
فما أُتيتَ إلا من ذاك (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ) ذكراً دائباً على أي حالٍ كانوا؛ من قيام وقُعود واضطجاع لا يُخلُّون بالذِّكر في أغلبِ أحوالهم. وعن ابن عمرَ وعُروةَ بنِ الزُّبير وجماعةٍ أنهم خَرَجُوا يومَ العِيدِ إلى المُصلى فجعلُوا يذكُرون اللَّه، فقال بعضُهم: أما قال اللَّه تعالى: (يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً) فقاموا يذكرون اللَّه على أقدامهم. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم «من أحبّ أن يَرتَعَ في رياضِ الجنة فليكثر ذكر اللَّه» وقيل: معناه يُصلُّون في هذه الأحوال على حسب استطاعتهم. قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لعمران بن الحصين «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنبٍ، تُومئ إيماءً» وهذه حجةٌ للشافعي رحمه اللَّه في إضجاع المريض على جنبِه كما في اللحد
قوله:(ذكراً دائباً)، الجوهري: يقال: دأب فلان في عمله: جد وتعب، دأباً ودؤوباً، فهو دئيب.
قال أولاً: على كل حال وعلى أي حال ثم في أغلب أحوالهم، وذلك أن قوله:"لا يخلون بالذكر في أغلب أحوالهم" جملة مؤكدة لقوله: "يذكرون الله ذكراً دائباً على كل حال"، ومفسرة له؛ لأن الكل يطلق على الأكثر، قال الله تعالى على لسان سليمان عليه السلام:(وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)[النمل: ١٦]، وفي حق بلقيس:(وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)[النمل: ٢٣]، كما تقول: فلان يقصده كل أحد، ويعلم كل شيء، تريد كثرة قصاده، ورجوعه إلى غزارة في العلم.
قوله:(لعمران بن الحصين)، الحديث أخرجه البخاري والترمذي وغيرهما، وهذا الحديث حجة للشافعي رضي الله عنه في أن المريض يصلي مضطجعاً على جنبه الأيمن، مستقبلاً بمقاديم بدنه.