(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو يملك أمرهم. وهو (عَلَى كُلِّ شَيء قَديرٌ)، فهو يقدر على عقابهم (لَآياتٍ) لأدلة واضحة على الصانع وعظيم قدرته وباهر حكمته، (لِأُولِي الْأَلْبابِ): للذين يفتحون بصائرَهم للنَّظر والاستدلالِ والاعتبار، ولا يَنْظُرون إليها نَظَرَ البَهائم غافِلينَ عما فيها مِنْ عجائب الفِطَر. وفي النَّصائح الصِّغار: املأ عينَيك من زينةِ هذه الكواكب، وأجِلهما في جُملةِ هذه العجائب، متفكِّراً في قُدرةِ مقدّرها، متدبرا حكمة مدبرها، قبل أن يسافر بك القدر، ويحال بينك وبين النظر.
وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما: قلت لعائشة رضي اللَّه عنها: أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فبكت وأطالت، ثم قالت: كل أمره عجب، أتاني في ليلتي فدخل في لحافي حتى ألصق جلده بجلدي، ثم قال: "يا عائشة، هل لك أن تأذني لي الليلة في عبادة ربى؟ فقلت: يا رسول اللَّه، إني لأحب قربك وأحب هواك، قد أذنت لك. فقام إلى قربة من ماء في البيت فتوضأ ولم يكثر من صب الماء،
قوله:(فهو يملك أمرهم)، فيه تهديد اليهود، والفاء جواب شرط محذوف، والمراد بالسماوات والأرض جميع العالم، أو التقدير: إذا كان الله مالك العالم، وهو من جملته، قادراً على كل شيء، وهم من مقدوراته؛ فيلزم أن يكون مالكاً لأمرهم وقادراً على عقابهم.
قوله:(وأحب هواك) يعني: مهواك أي: ما تهواه من العبادة، أما الحديث فقد روينا عن البخاري ومسلم ومالك وأبي داود، عن ابن عباس قال: بت في بيت خالتي ميمونة، فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر قعد فنظر إلى السماء فقال:(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ) ثم قام فتوضأ واستن فصلى، وفي رواية: ثم خرج إلى الصلاة فصلى، فجعل يقول في صلاته أو