وقيل: هم الأنبياء، وقرأ ابن مسعود:(صراط من أنعمت عليهم). (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) بدل من (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) على معنى أن المنعم عليهم هم الذين سلموا من غضب الله والضلال، أو صفة على معنى أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة وهي نعمة الإيمان، وبين السلامة من غضب الله والضلال
وما يتبعه من القوى كالفهم والفكر، أو كسبي: كتزكية النفس عن الرذائل، وتحليتها بالأخلاق الفاضلة، وكتزيين البدن بالهيئات المستحسنة والمال والجاه.
والأخروي: أن يغفر ما فرط منه، ويرضى عنه ويبوئه في مقعد صدق. والمراد ها هنا القسم الأخير، فإن ما عداه يشترك فيه المؤمن والكافر.
وقلت: الأشبه الحمل على الإطلاق كما ذكر المصنف. نعم الذرائع النعم العاجلة لتحصيل النعم الآجلة؛ ولهذا من الله تعالى على حبيبه بقوله تعالى:(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى)[الضحى: ٦] إلى آخر السورة.
قوله:(وقيل: هم الأنبياء)، يدل عليه قوله تعالى:(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ)[مريم: ٥٨] قال: "مِنْ" للبيان؛ لأن جميع الأنبياء منعم عليهم. وأولى الوجوه الأول؛ إذ عم كل من آمن بالله من الأنبياء وغيرهم ليطابق ألفاظ السورة، ويعضده قوله:(الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، لا توقيت فيه".
قوله:(على معنى أن المنعم عليهم هم الذين سلموا)، يعني إنما يصح إبدال هذا من ذلك إذا اعتبر مفهوم أحدهما مع منطوق الآخر ليتفقا. ولذلك قال: "هم الذين سلموا من غضب الله"، ووسط ضمير الفصل، وهو من بدل الكل. وإذا جعل (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) صفة لـ (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) كان من قبيل: شجاع باسل؛ من إقامة الوصف مقام الموصوف