و (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) هم المؤمنون، وأطلق الإنعام ليشمل كل إنعام؛ لأن من أنعم الله عليه بنعمة الإسلام لم تبق نعمة إلا أصابته واشتملت عليه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هم أصحاب موسى عليه السلام قبل أن يغيروا، …
"والإشعار بأن الطريق المستقيم بيانه وتفسيره"، ثم إذا اجتمع رفع الإبهامين يصير ذلك المبهم مشخصاً معيناً، وهو المراد بقوله:"فهو المشخص المعين لاجتماعهما فيه غير مدافع ولا منازع"، فإذن الفرق بين التأكيد وعطف البيان والبدل هو: أن البدل يوضح المتبوع كالبيان، ويؤكد أمر المتبوع في النسبة كالتأكيد، وفيه أمر زائد عليهما وهو أنه توكيد لنفس النسبة، وإليه أومأ بقوله:"كأنه قيل: اهدنا الصراط المستقيم، اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم".
قوله:(ليشمل كل إنعام)، تعليل للإطلاق، وقوله:"لأن من أنعم الله عليه" تعليل للاشتمال، يعني أن الأصل أن يذكر متعلق "أنعمت"، وهو الإسلام، فأطلق ليشمل كل إنعام، ثم كنى به عن ذلك المقيد ليؤذن بأن نعمة الإسلام مشتملة على جميع النعم، فلو قيد أولاً، لم يفد هذه الفائدة.
قال الإمام: النعمة عبارة عن المنفعة المفعولة على جهة الإحسان إلى الغير. وسيجيء تقرير هذا التعريف في سورة "لقمان" إن شاء الله تعالى.
وقال القاضي: الإنعام إيصال النعمة، وهي في الأصل الحالة التي يستلذها الإنسان؛ فأطلقت لما يستلذه من النعمة وهي اللين، ونعم الله- وإن كانت لا تحصى- منحصرة في جنسين: دنيوي وأخروي.
والدنيوي: إما موهبي كخلق البدن والقوى الحالة فيه ونفخ الروح وإشراقه بالعقل