والأحسن أن تراد الاستعانة به، وبتوفيقه على أداء العبادة، ويكون قوله:(اهْدِنَا) بياناً للمطلوب من المعونة؛ كأنه قيل: كيف أعينكم؟ فقالوا: اهدنا الصراط المستقيم، وإنما كان أحسن لتلاؤم الكلام، وأخذ بعضه بحجزة بعض
"المفتاح": "أو القصد إلى نفس الفعل بتنزيل المتعدي منزلة اللازم- ذهاباً في نحو: فلان يعطي ويمنع: إلى معنى: يفعل الإعطاء- إيهاماً للمبالغة بالطريق المذكور في إفادة اللام الاستغراق"؟ والمذكور قوله: فإذا كان المقام خطابياً مثل: المؤمن غر كريم؛ حمل المعرف باللام- مفرداً كان أو جمعاً- على الاستغراق بعلة إيهام أن القصد إلى فرد دون فرد آخر مع تحقق الحقيقة فيهما يعود إلى ترجيح أحد المتساويين. أولا ترى إلى معنى التعليل في قول المصنف:"لأن من أنعم الله عليه بنعمة الإسلام لم تبق نعمة إلا اشتملت عليه"؟ فإن قرائن المقام دلت على أن المتعلق المضمر هو الإسلام؛ فاستدعى معنى العموم إطلاق الإنعام بإطلاقه على الإسلام مجازاً؛ ليشمل كل إنعام. ولو ذكر نعمة الإسلام لاقتصر عليها ولم ينبه على هذه النكتة.
قوله:(والأحسن أن تراد الاستعانة به وبتوفيقه)، أي: الاستعانة بتوفيقه. وقوله:"به" توطئة. فعلى هذا ترك المتعلق للاختصار لقرينة:(إِيَّاكَ نَعْبُدُ)؛ لأن الإقامة على أداء العبادة لا تتأتى إلا بالتوفيق.
قوله:(لتلاؤم الكلام)، يقال: لاءمت القوم ملاءمة إذا أصلحت وجمعت بينهم. وإذا اتفق شيئان فقد التأما.
وحجزة الإزار: معقده، وحجزة السراويل: التي فيها التكة.
المعنى: إذا قدر التعميم في "نستعين" لم يوافق "اهدنا"؛ لأن المطلوب في "اهدنا" خاص و"نستعين" عام. وكذا إنما يكون ملائماً لأول الكلام وهو:(إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إذا قدر التوفيق؛ لأن العبادة لا تتم إلا باستعانة الله وتوفيقه. فعلى هذا قوله:"ويكون قوله: اهدنا" عطف على "أن يراد".