وهذه المسألة: تناظر فيها الإمام الشافعي، وإسحاق بن راهويه في مسجد الخيف -والإمام أحمد بن حنبل حاضر- فأسكت الشافعي إسحاق بالأدلة، بعد أن قال له: ما أحوجني أن يكون غيرك في موضعك، فكنت آمر بفرك أذنيه، أنا أقول لك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنت تقول: قال طاوس، والحسن، وإبراهيم، وهل لأحد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة؟ -في كلام طويل-.
ونحن نذكر إن شاء الله أدلة الجميع، وما يقتضي الدليل رجحانه منها، فحجة الشافعي -رحمه الله- ومن وافقه بأمور.
الأول: حديث أسامة، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأله: أين تنزل غداً؟ فقال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: "وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟ " وفي بعض الروايات "من منزول" وفي بعضها "منزلاً" أخرج هذا الحديث البخاري في كتاب "الحج" في باب "توريث دور مكة، وشرائها" الخ، وفي كتاب "المغازي" في غزوة الفتح في رمضان في: باب أين ركز النَّبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح، وفي كتاب الجهاد في باب "إذا أسلم قوم في دار الحرب، ولهم مال وأرضون فهي لهم" وأخرجه مسلم في كتاب "الحج" في باب: النزول بمكة للحاج وتوريث دورها، بثلاث روايات هي مثل روايات البخاري.
فقوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث المتفق عليه:"وهل ترك لنا عقيل من رباع" صريح في إمضائه - صلى الله عليه وسلم - بيع عقيل بن أبي طالب - رضي الله عنه - تلك الرباع.