وأمره - صلى الله عليه وسلم - بقتل من ذكر: ثابت عنه - صلى الله عليه وسلم -.
وفي السنن بإسناد صحيح:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما كان يوم فتح مكة، قال: "أمنوا الناس إلا امرأتين وأربعة نفر: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة" إلى غير ذلك من الأدلة.
فهذه أدلة واضحة على أن مكة - حرسها الله - فتحت عنوة.
وكونها فتحت عنوة: يقدح فيما ذهب إليه الشافعي من وجوب قسم الأرض المغنومة عنوة.
فالذي يتفق عليه جميع الأدلة، ولا يكون بينها أي تعارض: هو ما قدمنا من القول بالتخيير بين قسم الأرض، وإبقائها للمسلمين، مع ما قدمنا من الحجج، والعلم عند الله تعالى.
وإذا عرفت أن التحقيق أن مكة فتحت عنوة، فاعلم أن العلماء اختلفوا في رباع مكة: -هل يجوز تملكها، وبيعها، وإيجارها؟ - على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يجوز شيء من ذلك، وبه قال أبو حنيفة، والأوزاعي، والثوري، ومجاهد، وعطاء، وطاووس، وإبراهيم، والحسن، وإسحاق، وغيرهم. وكرهه مالك -رحمه الله-.
وأجاز جميع ذلك الشافعي، وأبو يوسف وبه قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجماعة من الصحابة ومن بعدهم.
وتوسط الإمام أحمد، فقال: تملك وتورث، ولا تؤجر، ولا تباع، على إحدى الروايتين، جمعاً بين الأدلة، والرواية الثانية