مخير، ويدل عليه كلام عمر في الأثر المار آنفاً، وبه تنتظم الأدلة، ولم يكن بينها تعارض، والجمع واجب متى ما أمكن. وغاية ما في الباب: أن تكون السنة دلت على تخصيص واقع في عموم قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية. وتخصيص الكتاب بالسنة كثير.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية التي نحن بصددها، بعد أن ذكر القول بالتخيير، ما نصه: قال شيخنا أبو العباس رضي الله عنه: وكأن هذا جمع بين الدليلين، ووسط بين المذهبين، وهو الذي فهمه عمر رضي الله عنه قطعاً.
ولذلك قال:"لولا آخر الناس" فلم يخبر بنسخ فعل النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا بتخصيصه بهم.
فإن قيل: لا تعارض بين الأدلة على مذهب الشافعي؛ لأن ما وقع فيه القسم من خيبر مأخوذ عنوة، وما لم يقسم منها مأخوذ صلحاً، والنضير فيء، وقريظة قسمت.
ولو قال قائل: إنها فيء أيضاً؛ لنزولهم على حكم النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحكم فيهم سعداً لكان غير بعيد، ولكن يرده: أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - خمسها، كما قاله مالك، وغيره.
ومكة مأخوذة صلحاً؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن". وهذا ثابت في صحيح مسلم.
فالجواب: أن التحقيق أن مكة فتحت عنوة؛ ولذلك أدلة واضحة.