وفي لفظ في الصحيح عن عمر:"أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر الناس بيانًا ليس لهم شيء؛ ما فتحت علي قرية إلا قسمتها، كما قسم النَّبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر، ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها".
واحتج أهل هذا القول أيضاً: بأن الأرض المغنومة لو كانت تقسم، لم يبق لمن جاء بعد الغانمين شيء، والله أثبت لمن جاء بعدهم شركة بقوله:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} الآية، فإنه معطوف على قوله:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا} وقوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ} الآية، وقول من قال: إن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} مبتدأ خبره "يَقُولُونَ" غير صحيح؛ لأنه يقتضي أنه تعالى أخبر بأن كل من يأتي بعدهم يقول:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا} الآية. والواقع خلافه؛ لأن كثيراً ممن جاء بعدهم يسبون الصحابة ويلعنونهم، والحق أن قوله:{وَالَّذِينَ جَاءُوا} معطوف على ما قبله، وجملة:{يَقُولُونَ} حال كما تقدم في "آل عمران" وهي قيد لعاملها وصف لصاحبها.
قال مقيده - عفا الله عنه -: هذه الأدلة التي استدل بها المالكية لا تنهض فيما يظهر؛ لأن الأحاديث المذكورة لا يتعين وجه الدلالة فيها؛ لأنه يحتمل أن يكون الإمام مخيراً، فاختار إبقاءها للمسلمين، ولم يكن واجباً في أول الأمر، كما قدمنا. والاستدلال بآية الحشر المذكورة: واضح السقوط؛ لأنها في الفيء، والكلام في الغنيمة، والفرق بينهما معلوم كما قدمنا.
قال مقيده - عفا الله عنه -: أظهر الأقوال دليلاً أن الإمام