للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبقول مالك هذا: قال الخلفاء الأربعة، وبه عملوا، وعليه يدل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم" فإنه لم يقسمه أخماساً، ولا أثلاثاً، وإنما ذكر في الآية من ذكر على وجه التنبيه عليهم؛ لأنهم من أهم من يدفع إليه.

قال الزجاج - محتجاً لمالك -: قال الله عز وجل: {يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} وللرجل جائز - بإجماع العلماء - أن ينفق في غير هذه الأصناف إذا رأى ذلك. وذكر النسائي عن عطاء، وقال: خمس الله، وخمس رسوله واحد، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحمل منه، ويعطى منه، ويضعه حيث شاء. اهـ. من القرطبي.

وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: وقال آخرون: إن الخمس يتصرف فيه الإمام بالمصلحة للمسلمين، كما يتصرف في مال الفيء.

وقال شيخنا العلامة ابن تيمية -رحمه الله-: وهذا قول مالك، وأكثر السلف، وهو أصح الأقوال" اهـ من ابن كثير.

وهذا القول هو رأي البخاري بدليل قوله: باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} يعني للرسول قسم ذلك.

وقال رسول الله: "إنما أنا قاسم، وخازن، والله يعطي" ثم ساق البخاري أحاديث الباب في كونه - صلى الله عليه وسلم - قاسماً بأمر الله تعالى.

قال مقيده - عفا الله عنه -: وهذا القول قوي، وستأتي له أدلة إن شاء الله في المسألة التي بعد هذا، ولكن أقرب الأقوال للسلامة