للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أنما ذكرنا من أن ما وصف الله به نفسه من الصفات فهو موصوف به حقيقة لا مجازًا، على الوجه اللائق بكماله وجلاله، وأنه لا فرق البتة بين صفة يشتق منها وصف، كالسمع والبصر والحياة، وبين صفة لا يشتق منها كالوجه واليد، وأن تأويل الصفات، كتأويل الاستواء بالاستيلاء، لا يجوز ولا يصح = هو معتقد أبي الحسن الأشعري رحمه الله، وهو معتقد عامة السلف، وهو الذي كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

فمن ادعى على أبي الحسن الأشعري أنه يؤول صفة من الصفات، كالوجه واليد والاستواء ونحو ذلك، فقد افترى عليه افتراء عظيمًا.

بل الأشعري رحمه الله مصرح في كتبه العظيمة التي صنفها بعد رجوعه عن الاعتزال، كالموجز، ومقالات الإِسلاميين واختلاف المصلين، والإِبانة عن أصول الديانة: أن معتقده الذين يدين الله به هو ما كان عليه السلف الصالح من الإِيمان بكل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وإثبات ذلك كله من غير كيف ولا تشبيه ولا تعطيل، وأن ذلك لا يصح تأويله ولا القول بالمجاز فيه، وأن تأويل الاستواء بالاستيلاء هو مذهب المعتزلة ومن ضاهاهم.

وهو أعلم الناس بأقوال المعتزلة؛ لأنه كان أعظم إمام في مذهبهم، قبل أن يهديه الله إلى الحق، وسنذكر لك هنا بعض نصوص أبي الحسن الأشعري رحمه الله لتعلم صحة ما ذكرنا عنه.

قال رحمه الله في كتاب الإِبانة عن أصول الديانة، الذي قال غير واحد إنه آخر كتاب صنفه، ما نصه: