للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهل يجوز أن يقال: إنه تعالى استوى على كل شيء غير العرش؟

فافهم.

وعلى كل حال، فإن المؤول زعم أن الاستواء يوهم غير اللائق بالله لاستلزامه مشابهة استواء الخلق، وجاء بدله بالاستيلاء؛ لأنه هو اللائق به في زعمه، ولم ينتبه لأن تشبيه استيلاء الله على عرشه باستيلاء بشر بن مروان على العراق هو أفظع أنواع التشبيه، وليس بلائق قطعًا، إلا أنه يقول: إن الاستيلاء المزعوم منزه عن مشابهة استيلاء الخلق، مع أنه ضرب له المثل باستيلاء بشر على العراق، والله يقول: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧٤)}.

ونحن نقول: أيها المؤول هذا التأويل، نحن نسألك: إذا علمت أنه لا بد من تنزيه أحد اللفظين، أعني لفظ {اسْتَوَى (٥)} الذي أنزل الله به الملك على النبي - صلى الله عليه وسلم - قرآنًا يتلى، كل حرف منه عشر حسنات، ومن أنكر أنه من كتاب الله كفر.

ولفظة استولى التي جاء بها قوم من تلقاء أنفسهم من غير استناد إلى نص من كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من السلف.

فأي الكلمتين أحق بالتنزيه في رأيك؟ الأحق بالتنزيه كلمة القرآن المنزلة من الله على رسوله، أم كلمتكم التي جئتم بها من تلقاء أنفسكم من غير مستند أصلًا؟

ونحن لا يخفى علينا الجواب الصحيح عن هذا السؤال إن كنت لا تعرفه.