أخبرني عمرو (ح) وحدثني أبو الطاهر، أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحرث: أن أبا النضر حدثه أن بسر بن سعيد حدثه عن معمر بن عبد الله: أنه أرسل غلامه بصاع قمح .. الحديث، وفيه. فإني كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"الطعام بالطعام مثلًا بمثل" وكان طعامنا يومئذ الشعير؛ فهذا حديث صحيح صرح فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الطعام إذا بيع بالطعام بيع مثلًا بمثل. والطعام في اللغة العربية: اسم لكل ما يؤكل؛ قال تعالى:{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ... } الآية، وقال: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا}، وقال تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} ولا خلاف في ذبائحهم في ذلك. وفي صحيح مسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في زمزم:"إنها طعام طعم" وقال لبيد في معلقته:
لمعفَّر قَهْد تنازع شلوه ... غبس كواسب ما يُمَنّ طعامُها
يعني بطعامها فريستها؛ كما قدمنا هذا مستوفى في سورة "البقرة".
فالشافعي رحمه الله وإن سَخِر الظاهرية منه في تحريمه الربا في التفاح، فهو متمسِّك في ذلك بظاهر حديث صحيح، يقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الطعام بالطعام مثلًا بمثل"، فما المانع للظاهرية من القول بظاهر هذا الحديث الصحيح على عادتهم التي يزعمون فيحكمون على الطعام بأنه مثل بمثل؟ وما مستندهم في مخالفة ظاهر هذا الحديث الصحيح؟ وحكمهم بالربا في البر والشعير والتمر والملح دون غيرها من سائر المطعومات، مع أن لفظ الطعام