ومع هذا، يجب ألا نفترض أن الاختلاف بين الأنبياء الأولين، والأنبياء الآخرين يعني أن لا علاقة بينهما، فالفريقان في نهاية الأمر ينتسبان إلى التقاليد الدينية نفسها تقريباً. فكان الأنبياء الآخرون، على سبيل المثال، شأنهم شأن الأنبياء الأولين يأتون بأفعال رمزية. فقد سار أشعياء عارياً حافياً مدة ثلاثة أعوام ليرمز إلى أن ملك آشور سيقود المصريين والكوشيين عارين إلى المنفى (أشعياء ٢٠/٢ ومايليها) . واشترى إرميا إبريقاً فخارياً ثم كسره أمام أعين القوم، تماماً كما سيكسر الإله هذا الشعب وهذه المدينة (إرميا ١٩/١ وما يليها) . كما أن الأنبياء الأولين، مثل الآخرين، تعتريهم أحوال وشطحات في لحظات الوحي.
ولم يختف الصوت القومي الحلولي تماماً في كتب الأنبياء الآخرين، فهوشع يرى في يهوه أباً لجماعة يسرائيل يغار عليهم ويحبهم حباً جماً. وكان تفكيرهم الأخروي يتسم بأنه مازال إلى حدٍّ كبير يدور في إطار يوم الإله حينما تعلو جماعة يسرائيل على العالم.