للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقولُه تعالى: {كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ}؛ أي: كلَّ ما تعملون، وهو كقوله: {يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} [غافر: ٢٨]؛ أي: كلُّه.

وقيل: معناه: ولكنْ عمِلْتُم الذنوب (١) عمَلَ مَن ظنَّ أنَّ اللَّه لا يعلم ما يَعمل، وهو كقوله: {أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: ١٧٥]؛ أي: فما أعمَلَهم بعمَل مَن يصبر على النار.

* * *

(٢٣ - ٢٤) - {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ}.

{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ}: أي: أهلكَكم؛ يعني: سهَّلَ عليكم المعاصي فعمِلْتُموها وهلَكْتُم بها.

{فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: ويجوز أنْ يكون نفْسُ الظنِّ هو المُهْلِكَ، فإنَّ ظنَّه أنَّ اللَّه لا يعلم ما عمِلَه كفرٌ منه، وهو مُهْلِكٌ.

وقولُه تعالى: {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ}: أي: إنْ صبَروا أو لم يصبِروا فلا مَخْلَصَ لهم منها، فإن قوله: {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا}: معناه: وإنْ لم يصبروا واستَعْتَبوا، وهو كقوله: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ} [الطور: ١٦].

وقيل: هو على قوله: {وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} [ص: ٦] {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ}؛ أي: لو التمَسوا الكَفَّ عنهم وإزالةَ ما هم فيه بمسألة العُتْبى -وهو إظهار الرِّضا بأنْ يضمَنوا أنْ لا يعودوا إلى ما كانوا عليه- لم يُعْتَبوا؛ أي: لم يُجابوا إلى ذلك، وقد استعتبتُه فأعتبَني؛ أي: استرضيتُه فأرضاني.


(١) في (أ): "للذنوب".