للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قولُه تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا}: أي: باردةً مُهْلِكةً ببَرْدِها.

وقيل: شديدةَ الهُبوب.

وقيل: شديدةَ الصَّوت.

وقولُه تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}: أي: مشؤومات. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: {نَحْسات}: بتسكين الحاء، والباقون بكسرها (١)، وكلاهما نعت، وهي ما قال: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: ٧].

ونُحوسَتُها: دوامُ تلك الريح فيها على حالة واحدة لا تفتُرُ.

{لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ}: أي: الفضيحة {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.

{وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ}: أي: أشدُّ فضيحةً {وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ}: أي: لا يُدْفَعُ عنهم عذابُ الآخرة.

وعن محمد بن كعب القُرَظي: أنَّ عُتْبة بن ربيعة بن عبد شمس قال ذاتَ يومٍ وهو جالس في نادي قريش: ألا أقومُ إلى هذا الرجل فأكلِّمَه فأعرضَ عليه أمورًا لعلَّه يقبلُ منها (٢) بعضَها، فنعطيَه أيَّها شاء ويكُفَّ عنا، وذلك حين رأوا أصحاب محمد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يزيدون ويكثُرون، قالوا: بلى يا أبا الوليد، فقام عُتْبة حتى جلس إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا ابن أخي، إنكَ مِنَّا حيث قد علِصْتَ مِن المكان في النَّسَب، وإنكَ قد أتيتَ قومكَ بأمر عظيم، فرَّقْتَ جماعتَهم، وعِبْتَ آلهتَهم ودِينَهم، وكفَّرْتَ مَن مضى مِن آبائهم، فإنْ كنتَ إنما تريد بما جئتَ به مالًا جمَعْنا لكَ مِن أموالنا حتى تكونَ أكثرَنا مالًا، وإنْ كنتَ تريد شرفًا شرَّفْناكَ علينا حتى لا نقطعَ أمرًا دونكَ، وإنْ


(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٧٦)، و"التيسير" للداني (ص: ١٩٣).
(٢) في (ر) و (ف): "منا".