للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلا خَلْقُ العرش عليه أعسرُ، ولا خَلْق البعوضة عليه أيسر، فإنَّه سبحانه متقدِّس عن لحوقِ العُسر واليُسر (١).

وقوله تعالى: {فَمَا فَوْقَهَا} الفوقُ: العُلو، يقال: فاقَهُ: غَلَبه وعَلَاه (٢) وصار فوقَه، وانتصابه لِمَا مرَّ في قوله تعالى: {بَعُوضَةً} (٣).

وأمَّا تفسيره:

فقد قال قتادة وابنُ جريج: معناه: فما فوقها في الكِبَر (٤).

وقال أبو عبيدة: معناه: فما دونها في الصِّغَر (٥).

والكلمة مِن الأضداد، كالوَراء يكون للخَلْف والأَمام؛ قال تعالى: {وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا} [الإنسان: ٢٧]، والصَّريم يكون للنهار والليل، والقرءُ يكون للحيض والطُّهر.

وقال أهلُ التحقيق: أي: فما فوقها في الصِّغَر؛ لأنَّ الغرضَ المطلوبَ هاهنا هو الصِّغَرُ، والكلمة مِن قولهم: فاقَ فلانٌ كذا؛ أي: جاوَزه، والمجاوزةُ نوعان؛ بالصِّغَر وبالكِبَر، فإنْ ذُكر شيءٌ على وجه التصغير، فما ذُكر بعده بهذه الكلمة عُرف أنَّه أُريد به مجاوزتُه إيَّاه في الصِّغَر، وإنْ ذُكر على وجه التكبير، عُرف أنَّه أُريد مجاوزتُه إيَّاه في الكِبَر، وهو متعارَف؛ تقول: فلانٌ صغيرُ القَدْر قليلُ الخير، فيقال: هو فوق ذلك.


(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٧١).
(٢) في (ر): "الفوق والعلو بمعنى يقال أبى عليه وعلاه".
(٣) في هامش (ف) حاشية: "الرفع والنصب بناء على ما يقتضيه العامل لا أنهما عمله".
(٤) انظر: "النكت والعيون" (١/ ٨٨).
(٥) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٣٥).