للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يستعمِلَها في النَّظرِ إلى المخلوقاتِ، ولَمَّا لم يكن في الدُّنيا إلى رؤيةِ الحبيبِ سبيلٌ أمرَهُ بغضِّ بصرِه عن غيرِ الحبيبِ (١). وأنشد (٢):

لَمَّا تيقَّنْتُ أنِّي لسْتُ مبصرَكُم... غَمَّضْتُ عيني فلم أنظرْ إلى أحد (٣)

وتأدَّبَ بهذا الأدبِ، فلم ينظرْ في ليلة المسرى إلى ما أُري (٤) في الحضرة الكبرى، فأثنى عليه في قوله: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: ١٧] (٥).

* * *

(٨٩ - ٩٠) - {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ}.

وقوله تعالى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ}: أي: وقلْ يا محمَّدُ للمشركين بعدَ خفضِ الجناحِ للمؤمنين: إنِّي أنا المخوِّفُ بالعذاب المصرَّح (٦) به {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ}؛ أي: بمثل عذابٍ نزلَ بهؤلاء، وصحَّ قوله: {أَنْزَلْنَا} بعدَ قولِه: {إِنِّي} لأنَّ معنى قوله: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ}؛ أي: وأنذِر، ويستقيمُ أنْ يُقال: وأنذرهم عذابًا كما أنزلنا.


(١) في (ف): "عن الغير".
(٢) "وأنشد" من (أ).
(٣) نسب لأبي بكر الشبلي. انظر: "الأمالي" للجرجاني (٢/ ٩٣)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (٣٢/ ٣٩٢).
(٤) في (ف): "فلم ينظر إلى ما نهي عنه بمد البصر ففي ليلة الإسراء".
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٨٠).
(٦) "المصرَّح" كذا ضبطت في (أ) بفتح الراء، فتكون الحاء مكسورة، والكلمة صفة العذاب، ويجوز كسر الراء ورفع الحاء على أنها خبر آخر لـ (إنِّي).