للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا كما شَهدَ بوحدانيَّته في الأَزَل وأَمَرَ عبادَه بأن يَشهدوا له بالوحدانيَّة، وجعل شهادتَهم الحادثةَ الموقَّتةَ بشهادته الأزليَّةِ الدائمةِ صالحةً مرضيَّةً مقبولةً، ووَعَدهم عليها ثوابَ الأَبَد مع أنَّها منهم موقَّتةٌ؛ لأنَّها شهادةٌ للَّه بما شهد هو بها (١) لنفسه، وهي أزليَّةٌ دائمةٌ على الأَبَد، فلذلك وَعَدهم عليها ثوابَ الأبدِ.

وعلى الوجوه الثلاثة؛ لا وجهَ لامتناعِكَ عن الحمد بحالٍ، فإنَّه إنْ حُمل على الأمر فعليكَ الائتمارُ، وإن حُمل على الإخبار عن استحقاقه الحمدَ فعليكَ الدَّوامُ عليه والاستكثار، وإنْ حُمل على الابتداء -وهو حمدُه (٢) نفسَه- فلا وجهَ للمخالفةِ والاستكبارِ (٣).

وكيف (٤) تُخْلي ساعةً مِن عُمرك عن حمدِه وشكرِه، ولا تَخلو لحظةٌ عن إنعامِه وبرِّه؟!

فإن قيل: لم حَمد اللَّهُ تعالى نفسَه، ومِثْلُه في الخَلْق غيرُ محمودٍ؟

فجوابه ما قاله (٥) الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: له وجهان:

أحدهما: أنه استحقَّ الحمدَ بذاتِه لا بأحدٍ، فيكونُ (٦) في ذلك تعريفُ الخَلْق ما


(١) في (ر): "للَّه لما شهِده وبها"، وفي (ف): "اللَّه بما شهد هو بها".
(٢) في (ر): "حمد".
(٣) في (ر) و (ف): "والاستنكار".
(٤) في (ف): "فكيف".
(٥) في (أ): "ما قاله الشيخ"، وفي (ر): "ما قال".
(٦) في (أ): "يكون". وفي "التأويلات": "ليكون".