للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلا في النادر، وأراد (١) به دوام ذكر اللسان، وهو قول ابن جريجٍ (٢)، وتبيَّن به أنه يَحسُن ذكر اللَّه تعالى بكلِّ حال.

وقال الزجَّاج: هو عندي ذكرُ القلب بكلِّ حال (٣).

وقيل: ذكرُ القلب لا يخلو عن الخوف، فمعناه: يخافون اللَّه قيامًا في تصرُّفهم، وقعودًا في دَعَتهم، وعلى جنوبهم في مضاجعهم.

وقال علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه: هو الصلاة؛ كما في قوله تعالى: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} [ص: ٣٢]؛ أي: يصلُّون للَّه تعالى قيامًا (٤) حالةَ القدرة، وقعودًا عند العجز، وعلى جنوبهم إذا ضعفوا عن القيام والقعود (٥).

وقيل: أي: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا} بأوامره {وَقُعُودًا} عن زواجره {وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}؛ أي: على اجتنابهم عن مخالفة أمره.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: لمَّا جعل اللَّه تعالى على العبد في كلِّ حالٍ نعمةً ليست تلك في غيرها من الأحوال، نحو أن (٦) جعل القيام نعمةً في قضاء حوائجه وتقلُّبِه في تلك الحال، وجعل القعود راحة له عند الإعياء، وكذا


(١) في (ف): "فأراد".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٣٠٩)، وابن المنذر في "تفسيره" (١٢٦٤)، ولفظه فيهما: وَهُوَ ذكر اللَّه فِي الصلاة، وغير الصلاة، وقراءة القرآن.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٤٩٩).
(٤) في (ر): "قياما له".
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٢٣١) عن علي وابن عباس -رضي اللَّه عنهم- والنخعي وقتادة. ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٨٤١) عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٦) في (أ): "بجواز" وفي (ر) و (ف): "يجوز أن"، والمثبت من "التأويلات".