للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - ما روي عن عائشة - رضي الله عنها -: كان فيما أنزل عشر رضعات محرمات، فنسخن بخمس، وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مما يتلى ا. هـ رواه مسلم (١).

ونوقش بما يأتي: أ- لا يجوز الاعتراض بمثله على ظاهر القرآن؛ لأنه غير جائز أن يقال: إن شيئاً من القرآن فُقد حتى لم يُنقل, ولا يجوز أن تذهب تلاوته والعلم به على الأمة، ولأنه لا يجوز أن يكون القرآن معرَّضًا لأكل الشاة حتى لا يصل من أجله - أي: الأكل - إلى الأمة, وقد قال الله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [سورة فصلت: ٤٢]، فقول الراوي: فمات - عليه الصلاة والسلام - وهو مما يقرأ من القرآن؛ قول منكر، وجرم في القرآن، ولا يحل أن يجوز أحد سقوط شيء من القرآن بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -. (٢)

وأجيب عنه: بأنه ليس يمتنع نسخ التلاوة مع بقاء الحكم (٣)، وبأنه مما يقرأ من القرآن الذي بطل أن يكتب في المصاحف، وبقي حكمه؛ كآية الرجم، سواء بسواء، وهذا مما لا جواب عنه، فبطل اعتراضهم المذكور. (٤)

ونوقش الجواب بأمرين:

الأول: عدم التسليم؛ لأن ادعاء بقاء حكمه بعد نسخه يحتاج إلى دليل. (٥)

الثاني: لو سلم ذلك, لم يكن لقائله دَرَك؛ من قِبَل أن عائشة قالت: توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مما يتلى، فأخبرت أنه لم ينسخ إلى أن مات النبي - صلى الله عليه وسلم -, ولا


(١) مسلم: المصدر السابق، (كتاب النكاح وإجابة الداعي - باب التحريم بخمس رضعات - ٤/ ٨١)، برقم (١٤٧٤)؛ من طريق يحيى بن يحيى، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة، أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن فيما يقرأ من القرآن ا. هـ ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٧٢ - ٧٣). ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١١). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٣٣). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨٥).
(٢) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٢). ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٢١).
(٣) الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٢).
(٤) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٧٣). ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٢١).
(٥) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٣٩٩).

<<  <   >  >>