للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجري الخلاف في موضع التواتر، كما في معرفة البلدان النائية، والملوك الماضية الثابتة تواترًا، نحو مكة وبغداد، وهارون الرشيد، ومحمود بن سبكتكين (١) ونحو ذلك - لم يبق إلا النقل بطريق الآحاد، وإنه لا يوجب العلم قطعًا، والمسألة قطعية لا عملية، ولأن أصحاب الخصوص يعارضون أنه ثبت، بالنقل آحادًا، أن صيغة العموم موضوعة للأقل (٢)، ولا دليل مع قبول المعارضة.

و [الفريق] الثاني: إن كانت الصيغة موضوعة للعموم في الأصل، ولكن في عرف الاستعمال يستعمل فيهما (٣) على السواء، بل استعمالها في الخصوص أكثر، والنصوص الواردة بلفظة العموم، في الزمان الذي صارت الصيغة مشتركة في الاستعمال، فلا يعرف بها (٤) إرادة العموم قطعًا، بل الاحتمال قائم، فيبطل (٥) دعوى العموم قطعًا مع قيام الاحتمال.


(١) خلف أباه سبكتكين فلك بلاد خراسان. وانقطعت الدولة السامانية منها وذلك سنة ٣٨٩ هـ. واستتب له الملك. ثم ملك سجستان سنة ٣٩٣ هـ. ولم يزل يفتح في بلاد الهند حتى انتهى إلى حيث لم تبلغه في الإسلام راية. وكان السلطان محمود هذا على مذهب أبي حنيفة. وكان مولعًا بعلم الحديث. وقيل: إنه انتقل إلى مذهب الشافعي. كان محمود السيرة ومناقبه كثيرة. ولد سنة ٣٦١٠ هـ وتوفي سنة ٤٢١ هـ (أو ٤٢٢ هـ) بغزنة وكان والده سبكتكين قد ورد مدينة بخارى في أيام نوح بن منصور أحد ملوك الدولة السامانية في صحبة أبي إسحاق بلتكين وكان حاجبه فلما توفي الأمير أبو إسحاق بايع الناس سبكتكين فلما تمكن شرع في الغزو والإغارة على أطراف الهند فافتتح قلاعًا كثيرة منها. وفي آخر الأمر وصل إلى مدينة بلخ من طوس فمرض بها ولكنه خرج إلى غزنة فمات في الطريق سنة ٣٨٧ هـ وخلفه ابنه محمود. وقيل معنى سبكتكين ورقتان خضراوان (ابن خلكان). وقال الشهرستاني في الملل والنحل (١: ٣٢ - ٣٣) إن محمود بن سبكتكين السلطان قد نصر أَبا عبد الله ابن كرام (رجل من سجستان) وصب البلاء على أصحاب الحديث والشيعة من جهتهم، وهو أقرب مذهب إلى مذهب الخوارج وهم مجسمة. وانظر أيضًا: أحمد أمين، ظهر الإِسلام، الطبعة الثانية، ٤: ٩٦.
(٢) في ب: "للأول".
(٣) كذا في ب. وفي الأصل: "فيها"
(٤) كذا في ب. وفي الأصل: "به". ولعل الأوضح أن يقال: "لا يعرف بها".
(٥) في ب: "فبطل".